الخميس، 10 يوليو 2014

فضل العمرة في رمضان

انتشر مقطع فيه أن العمرة في رمضان ليس لها فضل
بل هي في ذي القعدة أفضل
وهو رأي لصاحب المقطع.

والراجح أن العمرة في رمضان
أفضل منها في ذي القعَدة لاجتماع شرف الزمان وشرف المكان
وهو مذهب جمهور العلماء 
ورأي سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله .
لما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال:(عمرة في رمضان تعدل حجة).
فهو دليل على فضل العمرة في رمضان ، وأن لها مزية عن غيره من الشهور.

ولا دليل لمن قال فيه بالخصوصية ، لأن العبرة بعموم اللفظ.
وهذا باب فضيلة وثواب وفضل الله تعالى واسع.

وأما اعتمار النبي ﷺ ثلاث مرات في ذي القعدة فلا حجة فيه على أنها الأفضل فيه ؛ لعدم الدليل على قصده ﷺ ذلك ؛ ولما يلزم منه من تفضيل الأمكنة التي صلى فيها ﷺ ؛ لأن المكان ميقاتٌ كالزمان ؛ ولأن حديث ابن عباس في فضل العمرة في رمضان قول صريح ، واعتمار النبي ﷺ في ذي القعدة كان فعلا محضا ؛ لا أمر فيه ولا خبر، وما دل عليه القول مقدم على ما دل عليه الفعل ؛ كما هو مقرر عند الأصوليين.
وما قيل بأن الله لم يكن ليختار لنبيه إلا الأفضل ففيه نظر ؛ إذْ إن الأفضلية قد تكون في حقه ﷺ في ذي القعدة ؛ لكونها أشق ، أو أخطر ، أو لما فيها من بيان الدين ، وتوضيح الشرعة.
قال ابن علان في "دليل الفالحين" : (.. وما اقتضاه الحديث من أفضليتها في رمضان عليها ولو في ذي القعدة هو مذهبنا، وأجابوا عن تكرير عمرته ﷺ في ذي القعدة دونه بأنه كان لمصلحةٍ هي رد ما كان عليه الجاهلية من اعتقاد أنها في أشهر الحج من أفجر الفجور، فكررها ﷺ فيه مبالغة في إخراج ما رسخ في قلوبهم من ذلك، وعدم إيقاعه لها في رمضان في عام الفتح يحتمل أن يكون لكثرة اشتغاله بمصالح أهل مكة، ثم بتجهيز تلك الجيوش لحنين والطائف ، على أن ظاهر سبب حديث الباب أنه لم ينطق ﷺ به إلا بعد حجة الوداع، فيحتمل أنه ﷺ لم يبلغه ذلك إلا حينئذ) أهـ.
وكان ﷺ يشتغل في رمضان من العبادات بما هو أهم من العمرة ولم يكن يمكنه الجمع بين تلك العبادات وبين العمرة فأخر العمرة إلى أشهر الحج وفرغ نفسه ﷺ على تلك العبادات في رمضان[من الصيام والقيام وقراءة القرآن والاعتكاف]
مع ما في ترك ذلك من الرحمة بأمته والرأفة بهم فإنه لو اعتمر في رمضان لبادرت الأمة ذلك ،وكان يشق عليها الجمع بين العمرة والصوم فتحصل المشقة فأخرها إلى أشهر الحج وقد كان يترك كثيرا من العمل وهو يحب أن يعمله خشية المشقة عليهم.
رحمة بأمته وهذا من أخصِّ أوصافه ﷺ ولذا امتدحه ربه ﷻ بقوله:{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} .
وهذا ما عبَّر عنه ﷺ صراحة في أكثر من حديث حين قال:(لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)[رواه البخاري].
وحين سئل عن الحج أكل عام؟
قالﷺ:(لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم)[صحيح مسلم].
وليلة أسري به فرض الله على أمته خمسين صلاة في اليوم والليلة فرآه موسى عليه السلام وأمره أن يراجع ربه ليخفف منها حتى صارت خمساً وذلك خشية أن تشق على أمته ولا يؤدونها. [وقصة الإسراء والمعراج وفرض الصلاة بطولها عند الإمام مسلم ].
وفي صلاة التراويح في رمضان صلى بهم ﷺ ثلاث ليال ثم تركهم خشية أن تفرض عليهم وكان يخفف بهم الصلاة ويطيلها لنفسه، فعن أنس رضي الله عنه: أن النبي ﷺ خرج إليهم في رمضان فخفف بهم ثم دخل فأطال ثم خرج فخفف بهم ثم دخل فأطال فلما أصبحنا قلنا: يا نبي الله جلسنا الليلة فخرجت علينا فخففت ثم دخلت فأطلت قال: (من أجلكم)[رواه الإمام أحمد].

فكان ﷺ يحب التيسير على الناس ويأمر به.
قالت عائشة رضي الله عنها:خرج النبي ﷺ من عندي وهو مسرور طيب النفس ثم رجع إلي وهو كئيب، فقال:(إني دخلت الكعبة ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما دخلتها إني أخاف أن أكون قد شققت على أمتي)[رواه أصحاب السنن عدا النسائي ].
وكان مبعث خوف النبي ﷺ أن تقع المشقة والتعب على الأمة لقصدهم الاتباع لرسول الله في دخول الكعبة وذاك لا يتيسر لغالبهم إلا بتعب ومشقة.
والله أعلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق