الأربعاء، 4 مارس 2015

هل يسن الدعاء بين الصلاتين يوم الأربعاء؟وهل الحديث المروي في ذلك صحيح؟

■سئلت عن صحة حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن النبي ﷺ:(دعا في مسجد الفتح ثلاثا يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين، فعرف البشر في وجهه، قال جابر:فلم ينزل بي أمر مهم غليظ إلا توخيت تلك الساعة فأدعو فيها فأعرف الإجابة).
■ فكان الجواب:
هذا الحديث مع تحسين الشيخ الألباني له، فقد ضعَّفه جمع من أهل العلم، كالأرنؤوط في تخريجه للمسند؛ لضعف في إسناده، واضطراب ونكارة في متنه
أما الإسناد ففيه:
➊كثير بن زيد: فهو ليس بكثير الحديث ولا الرواية
ومتكلم فيه وهو وإن وثقه بعضهم إلا أن الأغلب على تضعيفه، خاصة إذا لم يتابعه أحد ، وقد تفرَّد بهذا الحديث ، وتفرده هذا لا يحتمل؛ لأنه نقل أمرا تعبديا لم ينقله غيره، ولو كان الدعاء يوم الأربعاء معروفا لنقل عن غيره.
●فالاختلاف عليه ينبئ بقلة ضبطه كما ذهب إلى ذلك الحافظ ابن حجر- رحمه ﷲ - فيمن حاله كان كذلك .
●وقد غمز شيخ الإسلام هذا الحديث بكثير بن زيد
فقال:(وفي إسناد هذا الحديث كثير بن زيد، وفيه كلام يوثقه ابن معين تارة، ويضعفه أخرى، وهذا الحديث يعمل به طائفة من أصحابنا وغيرهم،فيتحرون الدعاء في هذا كما نُقل عن جابر، ولم ينقل عن جابر أنه تحرى الدعاء في المكان، بل تحرى الزمان).
وقوله:(كما نُقل.. ولم ينقل)
تشعر بتضعيفه لهذا الحديث وعدم ارتياحه لما نُقل عن جابر- رضي ﷲ عنه -.
➋عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك: ضعيف ومجهول الحال.
قال البزار في [كشف الأستار]: لا نعلمه يروي عن جابر إلا بهذا الإسناد.
➌أما اضطرابه في المتن؛ فهو مرة يقول:إن دعاء النبي ﷺكان: في مسجد الفتح، وتارة يقول: في مسجد قباء، وثالثة يقول: في مسجد الأحزاب.
➍لا يُعرف في عهد النبي ﷺ مسجد الفتح ولا مسجد الأحزاب.
فلم يثبت أن النبي ﷺ أسس في المدينة مسجدا سوى مسجده ومسجد قباء.
●قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(وليس بالمدينة مسجد يشرع إتيانه إلا مسجد قباء، وأما سائر المساجد فلها حكم المساجد العامة، ولم يخصها النبي ﷺ بإتيان ولهذا كان الفقهاء من أهل المدينة لا يقصدون شيئا من تلك الأماكن إلا قباء خاصة).
➎ يرد على متنه أيضا: أن تخصيص ما بين الظهر والعصر بالفضيلة ليس له نظير فيما ثبت، فإن معظم سنن الذكر والدعاء إنما تكون في طرفي النهار وآخر الليل وأدبار الصلوات.
➏لو صح الحديث فإنه لا يدل على خصوصية للوقت بين الظهر والعصر في يوم الأربعاء
●بل الأشبه أن هذا الدعاء وقع من النبي ﷺ اتفاقا، إذ منشأ الإجابة هو الإلحاح في الدعاء.
●ويحتمل أن ﷲﷻ استجاب لنبيه ﷺ بعد أن دعا ثلاث مرات وقد كان النبي ﷺ لا يراجع بعد ثلاث،كما صح بذلك الحديث.
●وكون الأربعاء ثالث يوم يدعو فيه لا يدل أنه وقت إجابة ف[الأفعال لا عموم لها].
➐الحديث - لو كان ثابتا- لكان أدل على خصوصية المكان منه على خصوصية الزمان.
فهو ظاهر الدلالة على تحري المكان، بخلاف دلالته على فضيلة الوقت فهي غير ظاهرة.
➑لو فرضنا أن هذا الفعل ثابت عن جابر- رضي ﷲ عنه - نقول :
●سائر الصحابة على خلافه، فلم ينقل عنهم هذا، مع توفر الدواعي إلى نقله.
●ولم ينقل أن النبي ﷺ أقره عليه، فلا ينتهض لإثبات خصوصية الدعاء في هذا الوقت ،فكون(يوم الأربعاء بين الصلاتين)وقت إجابة من الأمور الغيبية التي لا تثبت إلا بالوحي.
✪ولما تقدم فالحديث ضعيف، وفي الصحيح الثابث كآخر ساعة من يوم الجمعة غنية،ومن فضل الله الكريم الرحمن أنه يجيب الدعاء في كل الأوقات والأزمان قال ﷻ :
●﴿وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان﴾.
●﴿وقال ربكم ادعوني أستجب لكم﴾.
والحمد لله رب العالمين.
✏د.سالم بن علي الشويهي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق