الأحد، 1 مارس 2015

قد يشكل على البعض أن الله تعالى ذكر من صفات المؤمنين (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون)، وذكر قبل هذه الآية بآيتين فقط أنهم (وإذا ما غضبوا هم يغفرون) فكيف يليق أن يذكر بعدها ما يبدو أنه ضد له وهو قوله (والذين إذا أصابهم البغى هم ينتصرون)؟. وقد يشكل أيضا أن آيات عديدة في القرآن الكريم تحث على العفو والصفح والمغفرة والصبر على الأذى، وتبين صراحة أن العفو أفضل وأقرب للتقوى كقوله تعالى:
(وأن تعفوا أقرب للتقوى) وقوله (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) وقوله (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) وقوله تعالى في نفس سياق صفات الجماعة المؤمنة في سورة الشورى (فمن عفا وأصلح فأجره على الله) وبعدها أيضا (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور) وغيرها كثير.

ولا إشكال ولا تناقض، لأن آيات العفو والصفح كلها تتكلم عن فضيلة العفو عند المقدرة، فإن لم تكن هناك مقدرة فلا معنى للعفو أو الصفح، لأن العاجز غير قادر على هذا وإن ادعاه، وصبره من باب الاضطرار نظرا لضعفه وهوانه.
فهذه الصفة المباركة (والذين إذا أصابهم البغى هم ينتصرون) تحث المؤمنين على أن يعدوا العدة لرد اعتداء الظلمة وبغي البغاة، ومن اللافت أنها آية مكية نزلت والمسلمون قلة مستضعفون.

هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن آيات العفو والصفح لا تؤخذ على إطلاقها، فمن الظلمة والبغاة من يتجرأون إذا تعامل معهم المسلمون بالصفح والمغفرة، وهكذا فإن العفو يكون على وجهين، ممدوح ومذموم:
الأول: عندما يكون العفو سببا لتسكين الفتنة وتأليف المعتدي، فهذا ممدوح
والثاني: عندما يكون سببا وإغراء لمزيد من جراءة المعتدي الظالم

وبهذا التفصيل يزول كل إشكال، سواء للأمة في مجموعها، أو حتى على مستوى الأفراد.

‏تأمل ثناء الله على المؤمنين ووصفه لهم :"والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون "
ليس الضعف والسكوت عن الحق دليل رقي اﻷخلاق وكمالها

ما ضاع حق وراءه مطالب
لايضيع حق وراءه مطالب
ينتصرون
‏قال الله مادحا عباده:
(والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون).
وقوله عز وجل في وصف المؤمنين :
"والذين اذا اصابهم البغي هم ينتصرون "
‏فلاينبغي للمسلم الرضى بالظلم على نفسه كما لايجوز له ظلم الآخرين
ردّ عن نفسك الظلم مااستطعت، قال سبحانه
"والذين إذا أصابهم البغيُ هم ينتصرون"
المؤمن طيب مسامح ولكنه ليس بدني وجبان
‏من اعظم صفات اهل الايمان ....

والذين اذا اصابهم البغي هم ينتصرون
وجزاء سيئة سيئة مثلها ...
‏أثنى الله عليهم بانهم (إذاأصابهم البغي هم ينتصرون) (ولمن انتصربعد ظلمه فاؤلئك ماعليهم من سبيل.انما السبيل على الذين يظلمون الناس..)
‏{والذين إِذا أصابهم البغي هم ينتصرونَ} مدحهم بالانتصار لأنهم لم يزيدوا عليه إذ لو زادوا عليه لكان تعديا ولم يكن انتصارا.
العز بن عبدالسلام
من روائع الامام ‫#‏إبن_رجب‬ رحمه الله

فقال:
ﻭﺃﻣﺎ ﻗﻮﻟﻪ: {ﻭاﻟﺬﻳﻦ ﺇﺫا ﺃﺻﺎﺑﻬﻢ اﻟﺒﻐﻲ ﻫﻢ ﻳﻨﺘﺼﺮﻭﻥ} [اﻟﺸﻮﺭﻯ: 39]
ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻨﺎﻓﻴﺎ ﻟﻠﻌﻔﻮ،
ﻓﺈﻥ اﻻﻧﺘﺼﺎﺭ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺈﻇﻬﺎﺭ اﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺘﻘﺎﻡ، ﺛﻢ ﻳﻘﻊ اﻟﻌﻔﻮ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ،
ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺃﺗﻢ ﻭﺃﻛﻤﻞ .
ﻗﺎﻝ اﻟﻨﺨﻌﻲ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻵﻳﺔ : ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻜﺮﻫﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺬﻟﻮا، ﻓﺈﺫا ﻗﺪﺭﻭا ﻋﻔﻮا .
ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺠﺎﻫﺪ : ﻛﺎﻧﻮا ﻳﻜﺮﻫﻮﻥ ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺬﻝ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻴﺠﺘﺮﺉ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻔﺴﺎﻕ،
‏قال إبراهيم النخعي في قوله
(والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون)
كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم فيجترىء الفساق عليهم فإذا قدروا عفوا.
ﻓﺎﻟﻤﺆﻣﻦ ﺇﺫا ﺑﻐﻲ ﻋﻠﻴﻪ، ﻳﻈﻬﺮ اﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺘﻘﺎﻡ، ﺛﻢ ﻳﻌﻔﻮ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ .

ترك المطالبة بالحق ليس محمدة في حد ذاته، قال تعالى{والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون}؛ إلا أن ترى سبباً آخر للصبر والمغفرة.
‏قال تعالي ( والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون)

قال القرطبي : أي إذا نالهم ظلم من ظالم لم يستسلموا لظلمه.
‏" واذا أصابهم البغي هم ينتصرون "

قال النخعي : كان يكرهون أن يستذلوا ، فإذا قدروا عفوا .
" والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون":

معنى حديث (أن تعفو عمن ظلمك) أي بعد النصر عليه والظفر به لا قبله كما يتوهم الضعفاء العاجزون!

"والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور "
‏تأمل ثناء الله على المؤمنين ووصفه لهم :"والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون "
ليس الضعف والسكوت عن الحق دليل رقي اﻷخلاق وكمالها

قالوا: السعادة في السكون وفي الخمـول وفي الخمـود
في المشي خلف الركب في دعـة وفي خطـو وئـيـد
في أن تـقـول كمـا يقـال فـلا اعتـراض ولا ردود
في أن تـسيـر مع القطيـع وأن تـقـاد ولا تـقـود
في أن تـعيـش كما يراد ولا تـعيـش كمـا تـريـد

قـلت: الحيـاة هي التـحرك لا السكـون ولا الهمـود
وهي الشعور بالانـتـصار ولا انـتـصار بلا جـهود
هي أن تـذود عـن الحـيـاض، وأي حـر لا يـذود؟
هي أن تـحـس بأن كـأس الـذل من مـاء صـديـد
هي أن تـخط مصيـر نفسك في التـهام وفي النـجود
وتـقول: لا، ولمـلء فـيـك لكـل جـبـار عنـيـد
هـذي الحيـاة وشـأنـها من عـهـد آدم والجــدود
فـإذا ركـنـت إلى السـكـون فـلذ بسكـان اللحـود
أفبـعد ذاك تـظن أن... أخـا الخمـول هو السعيـد؟

‏من صفات المؤمنين:
(والذين إذا اصابهم البغي هم ينتصرون)
قال بن تيمية:( فيهم همة الإنتصار للحق والحمية له ليسوا بمنزلة الذين يعفون عجزا وذلا
‏في قول الله:(والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون)
وهي آية مكية على الصحيح..
تجد تربية القرآن للقلوب على العزة والأنفة حتى في زمن الاستضعاف.
‏المؤمن الصادق في إيمانه لا يرضى بالمذلة ولا يقبل الدنية ويظل رافع الرأس رغم الجراح وقد مدحهم الله بقوله:"والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون"
‏٢/٢
إذا أصابهم البغي هم ينتصرون.

قال القرطبي: إذا نالهم ظلم لم يستسلموا لظلمه.
قال إبراهيم النخعي: كانوا ـ أي الصحابة ـ يكرهون أن يستذلوا.
‏((ابتغوا الحوائج بعزة الأنفس فإن الأمور تجري بالمقادير))
المؤمن ((عزيز)):
﴿والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون﴾
‏٥_ وشرع للمظلوم أن ينتصر ومن صفات المؤمنين أنهم إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل
‏يتخاذل البعض عن الانتصار لدينه ونفسه بحجة انه مهذب ..

ونسي مدح الله لعباده في سورة الشورى بأنهم
( إذا اصابهم البغي هم ينتصرون)
‏إباء الضيم
"والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون"
يمدحهم بأن فيهم همة الانتصار للحق،والحمية له،ليسوا بمنزلة الذين يعفون عجزا وذلا..

ابن تيمية
‏قال البخاري :باب الانتصار من الظالم

لقوله {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون}

قال إبراهيم النخعي:
كانوا يكرهون أن يستذلوا فإذا قدروا عفوا
‏الإسلام يحث على العزة والكرامة ولا يرضى الذل والخنوع:{والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون}..{ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل}.
‏للشريعة تشوّف عظيم لحفظ نفس المؤمن من الذل والصغار،ولذا أثنى الله على المؤمنين لإباء نفوسهم الضيم..فقال"والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون"=
وهذه الأية ترسخ في المؤمن المطالبة بحقه ممن سلبه منه ظلما وعدوانا
وهي بذلك بوجد العدالة وتقع الظلم من المجتمع
فالظالم في مثل هذا المجتمع الذي يطالب بحقه ولا يتنازل عنه أبدا
سيحسب ألف حساب قد أن يظلم أحدا
لأنه يعلم أنه لن يسكت ويهدأ حتى يستره صاحبه منه ويدوس على أنفه في الرغام. رغما عنه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق