قصة أهل ضروان شعرا
نظم الشاعر المؤمن الصاوي شعلان.عن كتاب
أثر الذنوب في هدم الأمم والشعوب للشيخ محمد محمود الصواف.
الحرص قد يجعل الأحرار عبدانا=وقد يصوغ من الأموال أوثانا
إذا رأيت قلوباً بالندى جبلت=فاصنع بها في أثاث البيت جدرانا
كم قصة في كتاب الله ناطقة=يعيدها الناس في دنياهم الآنا
أصحاب جنة رضوان وقصتها=قد أنزل الله فيها الوحي قرآنا
قد كان صاحبها في الفضل ذي شيم=أندى من الروض أزهاراً وأفنانا
فما بكى حوله الأيتام من سغب=ولا شكى عنده المضعوف حرمانا
لا يكتفي بزكاة الزرع يبذلها=حتى يضيف إلى الإحسان إحسانا
وأشرق الصبح فياض الندى عبقاً= يختال نوراً وأنداء وريحانا
وأقبل الشيخ يمشي في مهابته=متوجاً بوقار الشيب جذلانا
يحدو خطاه إلى البستان راعشة=ومايزال شباب القلب ريانا
رأى عجائب صنع الله قد رسمت=ما يسحر اللب أطيافاً وألوانا
والورد في الحلل الخضراء تحسبه=زمرداً ضم ياقوتاً ومرجانا
ترى الفواكه مما يشتهون بها=طلعاً وطلحاً وأعناباً ورمانا
والطير ترسل في تسبيح خالقها=مايعجز الفصحاء اللسن تبيانا
ما صوّر الله لا يرقى له بشرٌ=سبحانه في علاه ألف سبحانا
وكان للشيخ أبناءٌ قد ازدهروا=وأورقوا في ربيع العمر فتيانا
وحين شارف قرباً من نهايته=وإن يوماً وشيك البين قد حانا
أوصى بنيه بأن تبقى مكارمه=إرثاً يقيم لهم في المجد بنيانا
لا تنبتوا الشح بعدي في مزارعكم=لاتجعلوا جنتي بالحرث نيرانا
فما احتجزت عن الأهلين ثروتها=يوم الحصاد ولا أهملت جيرانا
لا يستر الخزّ في بدو ولا حضر=من كان من حلية المعروف عريانا
النمل تبني قراها في تماسكها=والنحل تجني رحيق الشهد أعوانا
والنهر يسقي العطاشى من مناهله=رياً ورزقاً ويبقى النهر ملآنا
وفارق الشيخ دنيا لا يدوم بها=غير الثناء لأهل الفضل عنوانا
فبدل الإخوة الأبناء سنته=وارتد إيمانهم بالعهد كفرانا
وأضمروا خطة نكراء غادرة=كانت عواقبها ويلاً وخذلانا
وأقسموا أن يهبّوا مصبحين إلى=جمع الثمار ولا يألون كتمانا
كي لا يراعوا بمسكين يطالعهم=في طمره لاهث الأنفاس جوعانا
فأرسل الملك الجبار نقمته=جزاء ما أضمروا بغياً وعدوانا
ألقت بأشجارهم صرعى فما تركت=حتى لأغصانها الأوراق أكفانا
غدوا على حرثهم صبحاً فما وجدوا=في الحقل نبتاً ولا في الأرض بستانا
ضل الطريق بهم بل ضل مذهبهم=وصار مبصرهم في النور حيرانا
وقال اوسطهم إني نصحت لكم=فلم أجد بينكم للنصح آذانا
الله يعلم ما تخفي الصدور وما=يكون سراً يراه الله إعلانا
ماذا ظننتم بعلاّم الغيوب إذن= أكان جهلاً بكم أم كان نسيانا
خزائن الله ملأى لانفاد لها=سبحانه قال "كن"فالأمر قد كانا
إن الألى حرموا المسكين قد رجعوا=أذلّ مسكنة منه وحرمانا
وقد مضى قدرٌ لم يمحه ندم=مكر البخيل يحيل الربح خسرانا
إن رمت جنة رضوان فكن حذراً=ولاتكن واحداً من أهل ضروانا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق