الأصل في ذلك ما ثبت من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح على الجوربين).
وقد روي المسح على الجوربين عن تسعة من الصحابة كما قال ابن المنذر رحمه الله، وأوصلهم أبوداود رحمه الله إلى ثلاثة عشر. انظر "تهذيب السنن(1/187)" لابن القيم رحمه الله.
والصحابة رضي الله عنهم مسحوا على الجوارب ولم يظهر لهم مخالف في عصرهم فكان إجماعا ولأنه ساتر لمحل الفرض يثبت في القدم فجاز المسح عليه
وذكر ابن حزم عددا كبيرا من السلف قالوا بالمسح على الجوربين ؛ منهم : ابن عمر ، وعطاء ، وإبراهيم النخعي ، وأورد عددا من الآثار المتعلقة بذلك " راجع انظر المحلى 2/ 115 مسألة 212 . قلت هذه الآثار أخرجها عبدالرزاق في المصنف 745 و 773 و 779 و 781 و 782 وابن أبي شيبة في المصنف والبيهقي 1/285 وكثير من أسانيدها صحيح عنهم وبعضهم له أكثر من طريق واحد ومن ذلك طريق قتادة عن أنس أنه كان يمسح على الجوربين مثل الخفين ، وسنده صحيح رواه عبدالرزاق 779 وابن أبي شيبه 1/188 مختصراً ، وعن يحيى البكاء قال : " سمعت ابن عمر يقول : المسح على الجوربين كالمسح على الخفين ، وتلقى نافع ذلك عنه ، فقال : هما بمنزلة الخفين " اخرجا ابن أبي شيبة بسند حسن عنه ، وكذلك قال إبراهيم النخعي ، أخرجه بسند صحيح عنه . قال أبو عيسى الترمذي : " سمعت صالح بن محمد الترمذي قال : سمعت مقاتل السمرقندي يقول : دخلت على أبي حنيفة في مرضه الذي مات فيه فدعا بماء فتوضأ وعليه جوربان فمسح عليهما ثم قال : فعلت اليوم شيئاً لم أكن أفعله : مسحت على الجوربين وهما غير منعلين " وعن عطاء قال : " المسح على الجوربين بمنزلة المسح على الخفين " أخرجه ابن أبي شيبة 1/180 بإسناد صحيح عنه .
واشترط بعضهم أن يكونا من الجلد ، واشترط آخرون أن يكونا صالحين لتتابع المشي عليهما ، إلى آخره.
وكل هذه شروط ليست في كتاب الله ، ولا في حديث رسوله صلى الله عليه وسلم.
بل ، إن الذين ذهبوا إلى المسح على الجوربين ، اشترطوا أن يكونا ثخينين.
قال الشيخ أحمد شاكر : اشتراط أن يكونا ثخينين ليس عليه دليلٌ أصلاً "تحقيقه لسنن الترمذي" 1/168.
" كل شرط ليس في كتاب الله ؛ فهو باطل "
وقد قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله ( امسح عليها ما تعلقت به رجلك وهل كانت خفاف المهاجرين والأنصار إلا مخرقة مشققة مرقعة ) رواه عبد الرزاق في المصنف ( 1 / 194 )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى ( 21 / 174 ) فلما أطلق الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر بالمسح على الخفاف مع علمه بما هي عليه في العادة ولم يشترط أن تكون سليمة من العيوب وجب حمل أمره على الإطلاق ولم يجز أن يقيد كلامه إلا بدليل شرعي . وكان مقتضى لفظه أن كل خف يلبسه الناس ويمشون فيه فلهم أن يمسحوا عليه وإن كان مفتوقاً أو مخروقاً من غير تَحديد لمقدار ذلك فإن التحديد لا بدّ له من دليل .. ) .
وهذا مذهب إسحاق وابن المبارك وابن عيينة وأبي ثور .
ويصح أيضاً المسح على الجوربين اللذين يصفان البشرة لأن الإذن بالمسح على الخفين مطلق ولم يرد تقييده بشيء فكان مقتضى ذلك أن كل جورب يلبسه الناس لهم أن يمسحوا عليه وهذا مقتضى قول القائلين بجواز المسح على الخف المخرق ما أمكن المشيء عليه .
وقد ذكر النووي رحمه الله في المجموع ( 1 / 502 ) أنه إذا لبس خف زجاج يمكن متابعة المشي عليه جاز المسح عليه وإن كان تُرى تحته البشرة ... ) .
هذا على عجل
والله تعالى أعلى وأعلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق