صدق عمر بن عبد العزيز الخليفة الفقيه -رحمه الله- حين قال:
" تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من فجور".
الزواج في العدة يعد باطلاً بإجماع الفقهاء، لقول الله تعالى:{وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} يعني :حتى تنتهي من العدة.
فالله أوجب على المرأة العدة لحق لزوجها،و تحققيقا لبراءة رحمها،لئلا تختلط الأنساب، وفيها معنى تعبدي يجب الوقوف عنده، وهو الانصياع لأمر الله عز وجل في تشريعه.
فإن حصل ذلك فيجب التفريق بينهما فوراً،
لأن من شروط صحة الزواج بالمرأة خلوها من الموانع كالعدة ونحوها، فهذا من الأنكحة المجمع على فسادها، وهو نكاح باطل يجب فسخه، والتفريق بينهما، والاستمرار على المعاشرة استناداً لهذا العقد يعتبر استمراراً في الزنى، فيجب به الحد إذا علم الزوجان الحكم.
هذا بالنسبة لحكم المعاشرة، وعليه ينبني نسب الأبناء، فما أنجبه منهم بعد علمه بالحكم، فهو ابن زنى لا نسب بينه وبينه، ولا إرث، وما أنجبه قبل معرفة الحكم فهو ابنه ينسب إليه ويتوارثان.
وإن كان ذلك عن جهل منهما بحرمته، فإنه نكاح شبهة لا إثم عليهما فيه، وما أنجباه فيه من أولاد يلحقون بالواطئ.
أما إن حصل ذلك عن علم بحرمته منها، فإنه زنا والعياذ بالله، ولا يلحق الأولاد بأبيهم، بل ينسبون إلى أمهم.
وإذا كان أحدهما عالماً والآخر جاهلاً، فإن الإثم على العالم منهما، فإن كان العالم هو الأب، فإن الأولاد لا يلحقون به، بل يلحقون بأمهم وينسبون إليها، وإذا أراد الزواج بعد التفريق بينهما، فلا بأس في ذلك، لكن بعقد جديد، ويشترط أن تعتد المرأة من زوجها الأول، لأنها لم تكمل عدتها منه حيث تزوجت ذلك الزواج الباطل قبل أنقضاء العدة إذ لا تحتسب فترة نكاح الشبهة من العدة، هذا في حالة جهلها. أما في حالة العلم، فإن العدة لا تنقطع، لأنه زنا، فتكون العدة قد انتهت من الزواج الأول، ولكن عليها أن تعتد من الزنا. وجواز زواجهما بعقد جديد هو مذهب الحنفية والشافعية وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. وذهب المالكية والحنابلة إلى أنها تحرم عليه على التأبيد. وإذا أرادت أن تتزوج غير من تزوجها في العدة، فإنها تعتد بعدتين: عدة من الأول، وعدة من الثاني، ولا تداخل بين العدتين في مذهب الجمهور خلافاً للحنفية.
والله أعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق