آداب السلام
17 - إذا دخل بيته سلم :
يُسَنُّ لمَنْ دَخَلَ دَارِهِ أنْ يُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِهِ ؛ لما رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " يَا بُنَيَّ إذَا دَخَلْت عَلَى أَهْلِك فَسَلِّمْ ، يَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْك وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِك " ، فالسَّلَامُ سَبَبٌ لزِيَادَةِ البَرَكَةِ وَكَثْرَةِ الخَيْرِ وَالرَحْمَةِ .
وإذا لم يكن بالبيت أحد فيستحب أن يسلم أيضًا ، وليقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ؛ لقول الله تعالى : { فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسكُمْ } ( النور : 61 ) ، قال ابن عبد البر - رحمه الله - في ( الاستذكار ) : قد روي عن جماعة من السلف العلماء بتأويل القرآن قالوا : إذا دخلت بيتًا ليس فيه أحد فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ؛ روينا ذلك عن ابن عباس وعلقمة ، وإبراهيم النخعي ، وعكرمة ، ومجاهد ، وأبي مالك ، وعطاء ؛ وبعضهم يقول : السلام علينا من ربنا ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ا.هـ.
وفي فضل من دخل بيته فسلم ؛ روى البخاري في ( الأدب ) وأبو داود وابن حبان والحاكم عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عز وجل : رَجُلٌ خَرَجَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ ؛ وَرَجُلٌ رَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ ؛ وَرَجُلٌ دَخَلَ بَيْتَهُ بِسَلَامٍ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عز وجل " هذا لفظ أبي داود ، وعند البخاري : " ثلاثة كلهم ضامن على الله : إن عاش كفي ، وإن مات دخل الجنة .." وعند الحاكم : " ورجل دخل بيته بالسلام " ، وعند ابن حبان : " ثلاثة كلهم ضامن على الله ؛ إن عاش رزق وكفي وإن مات أدخله الله الجنة : من دخل بيته فسلم " .
قال النووي : معنى ضامن على اللّه تعالى ، أي : صاحب ضمان ؛ كما يقال : تَامِرٌ ولاَبنٌ : أي صاحب تمر ولبن ؛ والضمان : الرعاية للشيء ، فمعناه أنه في رعاية اللّه تعالى ؛ وما أجزل هذه العطية اللهمَّ ارزقناها .
" وَرَجُل دَخَلَ بَيْته بِسَلَامٍ " : قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يَحْتَمِل وَجْهَيْنِ ؛ أَحَدهمَا : أَنْ يُسَلِّم إِذَا دَخَلَ مَنْزِله ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسكُمْ } الْآيَة ؛ وَالْوَجْه الْآخَر أَنْ يَكُون أَرَادَ بِدُخُولِ بَيْته بِسَلَامٍ لُزُوم الْبَيْت مِنْ الْفِتَن ، يُرَغِّبُ بِذَلِكَ فِي الْعُزْلَة ، وَيَأْمُر فِي الْإِقْلَال مِنْ الْمُخَالَطَة . اِنْتَهَى من ( عون المعبود ) .
قلت : يُرجح الوجه الأول لفظ الحاكم : " ورجل دخل بيته بالسلام " ، وابن حبان : " من دخل بيته فسلم " ، وبوب عليه ابن حبان ( ذكر تضمن الله جل وعلا دخول الجنة للمسلِّم على أهله عند دخوله عليهم إن مات ، وكفايته ورزقه إن عاش ) .
ويدخل في فضل السلام إذا دخل البيت ما رواه مسلم عَنْ جَابِرِ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ " ؛ إذ السلام اسم من أسماء الله تعالى ، والعلم عند الله تعالى .
السبت، 17 أكتوبر 2015
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق