يقول الغزالي رحمه الله تعالى:
"الصبي في أول حركته وتمييزه تظهر فيه غريزة بها يستلذ اللعب واللهو، حتى يكون ذلك عنده ألذ من سائر الأشياء.
ثم تظهر بعده لذة الزينة ولبس الثياب وركوب الدواب، فيستحقر معها لذة اللعب.
ثم تظهر بعده لذة الوقاع وشهوة النساء، فيترك بها جميع ما قبلها في الوصول إليها.
ثم تظهر لذة الرياسة والعلو والتكاثر، وهي آخر لذات الدنيا وأعلاها وأقواها، رتبت في قوله تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ ..) الحديد: 20،
ثم بعد هذا تظهر غريزة أخرى يدرك بها معرفة الله تعالى، ومعرفة أفعاله، فيستحقر معها جميع ما قبلها، فكل متأخر فهو أقوى، وهذا هو الأخير.
إذ يظهر حب اللعب في سن التمييز،
وحب النساء والزينة في سن البلوغ،
وحب الرياسة بعد العشرين،
وحب العلوم بقرب الأربعين، وهي الغاية العليا.
وكما أن الصبي يضحك على من يترك اللعب ويشتغل بملاعبة النساء وطلب الرياسة؛ فكذلك الرؤساء يضحكون على من يترك الرياسة ويشتغل بمعرفة الله تعالى، والعارفون يقولون: (.. إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ..) هود: 38-39 ".أ.هـ
إحياء علوم الدين ٤-٣١١
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق