الثلاثاء، 30 ديسمبر 2014

إن الله إذا استودع شيئاً حفظه

(أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه )؛ هي تقال مرة واحدة على كل شيء يراد حفظه. من آثارها المجربة النافعة: حفظ الأموال والأولاد وغيرهما من السرقة والتعدي.

* عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الله إذا استودع شيئاً حفظه. رواه الإمام أحمد.

* وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من أراد أن يسافر فليقل لمن يخلف: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه). رواه الإمام أحمد. وهذا الحفظ عام في السفر وغيره، وهو أمان من السرقة والتعدي، ولو كان المستودع شيئاً يسيراً، ففي ذلك إظهار حاجة العبد ربه في كل صغيرة وكبيرة.
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله إذا استودع شيئا حفظه. رواه ابن حبان وصححه الألباني

وكان صلى الله عليه وسلم يستودع الله بقوله: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه. رواه ابن السني وقال العراقي والألباني: إسناده حسن.

وفي رواية لابن السني وأحمد عن أبي هريرة أنه قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أردت سفرا تقول: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك. انتهى

وهذا يدل على مشروعية التوديع بهذه الألفاظ، وإن الله يحفظ ما استودعه.
ولو قال الإنسان مثلاً: أستودع الله الذي لا تضيع ودائعه؛ ديني ونفسي وأمانتي وخواتيم عملي وبيتي وأهلي ومالي وجميع ما أنعم الله به عليَّ؛ لحفِظَ الله له ذلك كله، ولم يَرَ ما يسوؤُه فيه، ولحفظ من شرور الجن والإنس أجمعين. إليكم هاتين القصتين اللتين حصلتا لي شخصياً:

القصة الأولى: كنت خارجاً من المسجد قبل عدة أسابيع ومعي أبنائي الصغار فانطلق أصغر واحد منهم يجرى في اتجاه المنزل وكان هناك شارع يفصل بين المسجد والمنزل، وهذا الشارع به بعض السيارات فخفت عليه أن تصدمه سيارة من السيارات المارة خاصة أني تذكرت أني لم أحصنه في المسجد ولم أحصنه قبل الخروج من المنزل مثل كل يوم. فرفعت صوتي أحذره من السيارات وأنا أقول له: ( ثامر .. انتبه السيارات .. انتبه السيارات) .. ولكن تأكدت في تلك اللحظة أن ابني منطلق ولن يتوقف عن الجري ..

فوفقني الله أن أقول وبصوت مسموع: أستودعتك الله والله الذي لا إله إلا هو، وبالله وتالله؛ ما انتهيت من تلك الكلمة إلا وصوت فرامل سيارة وإذا ابني يتوسط مقدمة السيارة وليس بينه وبين دهسه إلا شعرة .. فسجدت لله سجدة شكر أن حفظ ابني وأن سددني ووفقني للنطق بتلك الكلمة.

القصة الثانية: خرجت قبل يومين الصباح متجهاً إلى العمل، وبعد أن جلست في السيارة قلت: بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني استودعك ديني ونفسي وسيارتي، ثم انطلقت إلى العمل ..

والذي حصل أني انشغلت بالجوال؛ فانْحَرَفَتِ السيارة إلى الخط المعاكس وتقابلت أنا وسيارة ثانية وجهاً لوجهه؛ فانحرفت السيارة الثانية بقدرة الله، وكنا قاب قوسين للارتطام ببعضنا وجهاً لوجه، وسلمني الله من حادث مؤكد. لذلك قبل أن تخرج من بيتك تعوَّد أن تستودع أهلك وبيتك ونفسك وسيارتك.

الاثنين، 29 ديسمبر 2014

قصص لها عبرة في حياتنا

(أربع قصص):
لنتعلم منها وتكون لنا عبرة في حياتنا

1- القصة الأولى:
..

يحكى أن امرأة زارت صديقة لها
تجيد الطبخ لتتعلم منها سر
"طبخة السمك" .. وأثناء ذلك
لاحظت انها تقطع رأس السمكة وذيلها قبل قليها بالزيت فسألتها
عن السر, فأجابتها بأنها لاتعلم
ولكنها تعلمت ذلك من والدتها
فقامت واتصلت على والدتها لتسألها عن السر لكن الام ايضا قالت
انها...تعلمت ذلك من أمها (الجدة) فقامت واتصلت بالجدة لتعرف السر الخطير فقالت الجدة بكل بساطة: لأن مقلاتي كانت صغيرة والسمكة كبيرة عليها...

(ومغزى القصة : أن البشر يتوارثون بعض السلوكيات ويعظمونها دون ان يسألوا عن سبب حدوثها من
الأصل) !!

2- القصة الثانية:

وقف رجل يشاهد فراشة تحاول الخروج من شرنقتها، وكانت تصارع للخروج ثم توقفت فجأة وكأنها
تعبت، فأشفق عليها فقص غشاء الشرنقة قليلا ! ليساعدها على الخروج .. وفعلا خرجت الفراشة لكنها سقطت لأنها كانت ضعيفة لا تستطيع الطيران كونه أخرجها
قبل ان يكتمل نمو أجنحتها.....

(ومغزى القصة : أننا نحتاج.. لمواجهة الصراعات في حياتنا.. خصوصا في بدايتها لنكون.. أقوى.. وقادرين على تحمل أعباء الحياة دون تدخل من أحد وإلأ إصبحنا ضعفاء عاجزين) !!

3- القصة الثالثة:

كان أحد مديري الإنشاءات يتجول في موقع بناء تحت الإنشاء، وشاهد ثلاثة عمال يكسرون حجارة صلبة. فسأل الأول: ماذا تفعل؟ فقال: أكسر الحجارة كما طلب مني رئيسي ...
ثم سأل الثاني نفس السؤال فقال: أقص الحجارة بأشكال جميلة.
ومتناسقة ... ثم سأل الثالث فقال: ألا ترى بنفسك، أنا أبني ناطحة سحاب. فرغم أن الثلاثة كانوا... يؤدون نفس العمل إلا أن الأول رأى نفسه عبدا، والثاني فنانا، والثالث صاحب طموح وريادة ...

(ومغزى القصة : أن عباراتنا تصنع إنجازاتنا، ونظرتنا لأنفسنا تحدد? طريقنا في الحياة ).

4- القصة الرابعة:

اصطحب رجل زوجته لمحل
الهدايا،
وقال لها : أريد أن تختاري لأمي هديه من ذوقك. شعرت الزوجة بالغيره بداخلها فاختارت أقل
هدية قيمة وشكل وقام هو
بتغليفها، وفي المساء أتى الى
زوجته وقدم لها الهديه التي
أشترتها، وأخبرها أحببت أن تشتري هديتك بنفسك لتكون كما تحبينها.
أصيبت بإحباط لأنها لو أحبت
لغيرها ماتحب لنفسها لكانت
هديتهآ أجمل.

أجمل...ما قرأت هذا اليوم
إذا آلمك كلام البشر ، فلا تؤلم نفسك بكثرة آلتفكير ،
لماذا قالوا ولماذا فعلوا ذلك !
ثق بربك ثم بنفسك طالما هم بشر مثلك فليس لديهم سوى ألسنتهم
وَلايملكون نفعًا وَ لآ ضرًا فلا تعطِ آلأمر أكبر من حجمه وَ تمتع بالحياة.
طريقة سهلة "


إن أحببت شخصآ فأهده إياها تنفعه طول حياته.

             😍أحسن القصص😍

الأحد، 21 ديسمبر 2014

أهمية تعلم اللغة العربية وذم اللحن

■قال اللهﷻ:﴿إنا أنزلناه قرآنا
     عربيا لعلكم تعقلون﴾
■قال عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- :
●(تعلموا العربية؛ فإنها من دينكم)
●‏(تعلموا العربية؛ فإنها تُثبت العقل وتزيد في المروءة).
■وقال أبي بن كعب-رضي الله عنه-: (تعلموا العربية؛ كما تعلمون حفظ القرآن).
■وقال الإمام الشافعي-رحمه الله -: "لسان العرب أوسع الألسن.. وأكثر ألفاظا"
■وأحسن حافظ ابراهيم حين قال على لسان اللغة العربية:
وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغاية ً
وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ
فَكَيْفَ أَضِيقُ الْيَوْمَ عَنْ وَصْفِ آلةٍ وَتَنْسِيقِ أَسْمَاءٍ لِمُخْترَعَات ِ👀
https://twitter.com/drsalem283/status/545644721893572608?s=08
■‏‏قال ابن فارس:"قد كان الناس قديما يجتنبون اللحن فيما يكتبونه أو يقرءونه اجتنابهم بعض الذنوب".
■قال الخليل بن أحمد:"سمعتُ أيوب السختياني يُحَدِّث بحديث، فلحن فيه، فقال: أستغفر الله"
يعني: أنه عدَّ اللَّحْنَ ذنبًا.
■مرَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على قوم يسيئون الرمي، فقرعهم، فقالوا:إنا قوم (متعلِّمين)، فأعرض مغضبًا، وقال:(والله لَخَطَؤُكم في لسانكم أشدُّ عليَّ مِن خطئِكم في رمْيكم).
■وقد بلغ أمرُ عِظم اللحْن عند السلف أنهم كانوا يضربون وينتهرون عليه أبناءهم ومن تحت أيديهم ولا يضربونهم على الخطأ.
كما ثبت عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر- رضي الله عنهم -
و عمربن عبدالعزيز، والإمام أحمد بن حنبل- رحمهما الله -
عمربن عبدالعزيز، والإمام أحمد بن حنبل- رحمهما الله -
■طرق رجل الباب على الحسن البصري، وقال: يا أبو سعيد، فلم يجبه، فقال: يا أبي سعيد، فقال الحسن: قلِ الثالثة وادْخُل.
[لأنها بقيت واحدة وهي الصحيحة]
‏■قال رجل للحسن البصري: يا أبي سعيد !
فقال الحسن:(أكَسَبْ الدوانيق شغلك عن أن تقول: يا أبا سعيد ؟!)
[يلومه عن انشغاله بالمال عن تعلم اللغة]
■ولذا قال عبدالله بن المبارك - رحمه الله -:"اللحنُ في الكلام أقبَحُ مِن آثار الجُدَري في الوجه".
■وعد العلماء :اللحْنُ في الحديث كذِب على الرسولﷺ،إذا حدَّثْت عنه باللحن؛ ويخشى أن يدخلَ في جُملة قولِه ﷺ:«مَن كذب عليَّ متعمِّدًا، فلْيتبوأ مقْعده منَ النَّار».
■وكان الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان يَخْشى اللحن، ويتجنَّبه، ويقول في ذلك:"شيَّبَني ارتقاء المنابر، واتِّقاء اللحن".
●قال الوزير ابن هُبَيْرة :"والله ما استوى رجلان، دينهما واحد، وحسبهما واحد، ومروءتهما واحدة، أحدهما يلحن، والآخر لا يلحن، إن أفضلهما في الدُّنيا والآخرة الذي لا يلحَن".
فقيل له : أصْلح الله الوزير، هذا أفضلُ في الدُّنيا لفضل فصاحته وعربيته، أرأيت الآخرة، ما باله فُضِّل فيها؟
قال: :"إنه يقرأ كتاب الله على ما أنزله الله، وإن الذي يلحن يحمله لحنُه على أن يُدْخِلَ في كتاب الله ما ليس فيه، ويُخرج منه ما هو فيه".
قالوا : صدق الوزير، وبَرَّ.
■ عن أبي مليكة قال: قدم أعرابي في زمن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه - فقال: "من يقرؤني مما أنزل الله على محمد ﷺ:؟"
فأقرأه رجل  براءة [أي: سورة التوبة]فقال ( إن اللهَ بريء من المشركين ورسولِه ) بالجر،[جعله معطوفا على المشركين]
فقال الأعرابي: أو قد برىء الله من رسوله؟ إن يكن الله قد برىء من رسوله فأنا أبرأ منه.
فبلغ عمر مقالة الأعرابي فدعاه فقال: "يا أعرابي أتبرأ من رسول الله؟"
قال: "يا أمير المؤمنين إني قدمت المدينة ولا علم لي بالقرآن، فسألت من يُقرؤني فأقرأني هذا سورة براءة فقال:(إن الله بريء من المشركين ورسولِه) فقلت أو قد برىء الله من رسوله؟ إن يكن الله قد برىء من رسوله فأنا أبرأ منه."
فقال عمر: "ليس هكذا يا أعرابي".
قال: "فكيف هي يا أمير المؤمنين؟"
فقال:{إن اللهَ بريءٌ من المشركين ورسولُه}
[أي :أن الله برئ من المشركين ورسوله برئ منهم أيضا]
فقال الأعرابي: "وأنا والله أبرأ مما برىء اللهُ ورسولُه منه.
فأمر عمر بن الخطاب ألا يقرىء القرآن إلا عالم بلغة العرب .
■ وفي الأثر أنَّ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: (تعلَّموا النَّحو، فإن بني إسرائيل كفروا بحرفٍ واحد، كان في الإنجيل مسطورًا، وهو:(أنا وَلَّدْتُ عيسى) بتشديد اللام، فخففوه، فكفروا).
■تكلَّم أبو جعفر المنصور في مجلس فيه أعرابي، فلحن، فصر الأعرابي أذنيه[ أي:نصبها للاستماع] فلحن مرة أخرى أعظم من الأولى، فقال الأعرابي: أفٍّ لهذا، ما هذا؟
ثُم تكلم، فلحن الثالثة،فقال الأعرابي: أشهد لقد ولِّيت هذا الأمر بقضاءٍ وقدَرٍ.
■فاللحْنُ عيْبٌ وقدح في الإنسان، وإن كان شريفًا، وفي المقابل: عدمُ اللحن رِفعةٌ وجمال وعزٌّ لصاحبه، وإن كان مهينًا.
قال سعيد بن سلم: دخلتُ على الرشيد، فبهرني هيبةً وجمالاً، فلمَّا لحن خفَّ في عيني.
وفي هذا قول الشاعر:
●وَيُعْجِبُنِي زِيُّ الْفَتَى وَجَمَالُهُ
فَيَسْقُطُ مِنْ عَيْنَيَّ سَاعَةَ يَلْحَنُ
●كَمْ وَضِيعٍ رَفَعَ النَّحْوُ وَكَمْ
مِنْ شَرِيفٍ قَدْ رَأَيْنَاهُ وَضَعْ
●كَفَى بِالْمَرْءِ عَيْبًا أَنْ تَرَاهُ
لَهُ وَجْهٌ وَلَيْسَ لَهُ لِسَانُ
وَمَا حُسْنُ الرِّجَالِ لَهُمْ بِزَيْنٍ
إِذَا لَمْ يُسْعِدِ الحُسْنَ البَيَانُ
●يُلْقِي عَلَى المَرْفُوعِ صَخْرَةَ جَهْلِهِ فَيَصِيرُ تَحْتَ لِسَانِهِ مَجْرُورًا
●النّحوُ يُصلِحُ مِنَ لِسانِ الألْكَنِ
والمرءُ تُكرِمُـهُ إذا لم يَلْحَـنِ
وإذا طلبتَ مِنَ العُلومِ أجلَّهـا
فأجلُّهـا منها مُقيـمُ الألسُنِِِ
لَحْنُ الشَّرِيفِ يُزِيلُهُ عَنْ قَدْرِهِ        وَتَرَاهُ يَسْقُطُ مِنْ لِحَاظِ الأَعْيُنِ
وَتَرَى الوَضِيعَ إِذَا تَكَلَّمَ مُعْرِبًا        نَالَ المَهَابَةَ بِاللِّسَانِ الأَلْسَنِ
■ومن هنا تأتي أهميةُ تعلُّم قواعد اللغة العربية [النحو].
https://twitter.com/drsalem283/status/546263842431696896?s=08

الخميس، 18 ديسمبر 2014

قصة الطفل الروسي الحافظ للقرآن

يقول  نائب رئيس جمعية دبي لتحفيظ القرآن:
 
ممن فاز في جائزة دبي في إحدى السنوات طفل صغير من إحدى دول الاتحاد السوفيتي السابق
وكان عمره في حدود الثانية عشرة،
وكان إتقانه لافتاً للنظر
فسألناه: عن حفظه لكتاب الله، كيف تم؟؟
ومَن الذي قام بتحفيظه هذا الحفظ المجوَّد المتقن؟
فقال: أبي هو الذي قام بهذا العمل.
قلنا: فمن الذي علَّم أباك وحفظه القرآن؟
قال: جدِّي ..

فعجبنا لهذا الأمر، وتساءلنا كيف تسنَّى لجدِّك أن يعلم والدك القرآن في سيطرة الاتحاد السوفيتي الملحد الذي كان يعاقب المسلم المرتبط بدينه بالقتل مباشرة ..

قال: أخبرني أبي أن جدِّي كان يحمله وهو صغير على (حمار) ويذهب به مسافة بعيدةً خارج القرية ثم يضع عُصابةً على عينيه ويقود به الحمار حتى يدخل في مغارة في الجبل تؤِّدي إلى موقع فسيح، وهناك يفك العصابة عن عينيه، و يستخرج من مكان هناك ألواحاً نقشت سور القرآن ويحفظه ما تيسر ثم يعصب عينيه ويعود به

إلى المنزل حتى حفظ والدي القرآن الكريم ..

قلنا له، والعجب يملك نفوسنا: ولماذا كان جَدُّك يعصب عيني والدك ..

قال الفتى: سألنا والدي عن ذلك فقال: كان يفعل ذلك خشية أن يقبض النظام الشيوعي ذات يوم على ولده فيعذِّبوه، فيضعف، فيخبرهم بمكان مدرسة التحفيظ السريَّة في تلك المغارة، وهي مدرسة يستخدمها عدد من المسلمين حرصاً على ربط أولادهم بالقرآن الكريم، وهم يعيشون في ظل نظام ملحدٍ يقوم في حكمه على الحديد والنار
يا الله ! أين نحن من هؤلاء ؟

وصدق الله ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )

قصة مخجله لمن يعيش سنين جارا للمسجد
ولايشهد الصلاة فيه فضلا عن حفظ القرآن فيه.

وعجبا ممن تحت يديه مئات حلقات تحفيظ القران وأمامه وجواره
الحلقات المنتشره في أرجاء البلاد
ولم يفكر يوما بحفظ سورة يلقى بها ربه لتنفعه ..

وعجبا لأولياء الأمور الذين حرصوا على توفير أحسن الملابس والطعام
وأهملوا الجانب الإيماني والتربوي لأبنائهم وحفظ القرآن وفهمه للعمل به.

اقترب اقترب
من القرآن تسعد
..منقول..

الجمعة، 12 ديسمبر 2014

قصة في الرزق والأجل

يزدادُ المرءُ بخبرة الآخرين وتجاربهم أعمارًا إلى عمُره، ومما زاد في عمري ذلك اللقاءُ الودودُ الذي جمعني بشيخٍ عراقيٍّ كبيرٍ من أهالي "الشرقاط" من مواليد ألفٍ وثمانمئةٍ وتسعين، كان عمرُه وقتئذٍ مائةَ سنةٍ وسنة، عندما زارني في بيتي ببغدادَ مع حفيده الأربعيني.
بعد جلسةٍ مؤنسةٍ وادِعةٍ سألتُه مغتنمًا الفرصة: ما أعجبُ ما مرَّ بك يا عمُّ في عمرك المديد؟!
أطرق رأسَه هنيهةً ثم رفعه متنهدًا وقد لمعت عيناه من تحت حاجبين غليظين ألقيا بظلالهما على ملامح قرنٍ من عمُر البشر.

     قال: لقد رأيتُ في حياتي عَجَبًا، ولكن أعجبها إليَّ ما سأقصُّه عليك، فاحفظ عني وخذ العبرةَ لك ولمن وراءك.
لقد كنا في الزمن الغابر نقتاتُ في بعض مواسم السنة على ما نقومُ بصيده، وكنتُ قد خرجتُ ذاتَ موسم إلى الموضع الذي يغلب فيه ما يؤكل لحمُه من الصيد.. مرَّت بضعةُ أيامٍ وأنا أتربَّصُ للصيد دون جدوى، حتى بدأ اليأسُ يدبُّ إلى نفسي من الرزق في تلك الغدوة، وبينما أنا كذلك أراني الله عجبًا.
لقد رأيتُ ثعبانًا يراقبُ شيئًا ما ويتحرَّكُ نحوه ببطءٍ فتبعتُه حتى رأيتُ أمامَه يربوعًا صغيرًا يأكلُ من خشاش الأرض، وسرعان ما صار بين فكيه اللذين بدءا بالاتساع شيئًا فشيئًا حتى تمَّ ابتلاعُه بالكلية وأنا في مكمني أتابعُ المشهد، وأرى جسمَ اليربوع يتنقَّلُ في جوف الثعبان ببطء من حلقه إلى وسطه، وعندما وصلَ اليربوعُ إلى نحو نصفِ جسم الثعبان تحرَّكتُ نحوه، وأخرجتُ بندقيتي وصوبتُ فوهتَها نحو رأسه وأطلقتُ رصاصةً عاجلةً خرقته وتركته يتلوى قليلًا حتى سكن.
أقبلتُ عليه وأخرجتُ حربتي وطعنتُ في الموضع المنتفخ من جلده وشققته فخرجَ اليربوعُ وفيه رمَقٌ، لم يمُت بعد.. ركزتُ حربتي وجلستُ غيرَ بعيدٍ منه وأنا أتأملُ فيما صنعت، لا أدري ما الذي دفعني لفعل ذلك!!
   إني أرى الحياةَ تعودُ إليه.. بدأ يمشي.. يحاولُ الركضَ لكنه يترنَّحُ يمنةً ويسرةً.. بدأ يُسرع.. ركضتُهُ مستقيمة.. يا الله.. لقد نجا.. لقد نجا !!
لم أكد أُنهي خاطرَتي وإذ بصقرٍ ينقَضُّ من عَلوٍّ كالبرق، فينشبُ مخالبَه في جسد اليربوع ليطيرَ به بعيدًا، ويختفي عن مدى بصري ويتركني في ذهولٍ من مشهدٍ سريعٍ خاطفٍ مرَّ كلمح البصر .. ولكن شعرتُ حينئذٍ بأنَّ رسالةً ما قد بلغتني عن ربي مفادُها:
"ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك" نعم، إنَّ الله هو من يُعطي ويمنع، لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع.
  لقد أفدتُّ من هذا الدرس ألا أهتم للرزق ما حييت.. وها أنا ذا يا ولدي أمامَك قد جاوزتُ المئة، ومرَّ على تلك الحادثة قرابةَ السبعين سنةٍ وأنا أتقلَّبُ في رزقِ ربي، لا يضلُّ ربي ولا ينسى.
 
    الآن وقد مضى على ذلك اللقاءِ نحو ربع قرنٍ من الزمان أكتبُ عن ذلك الدرس الذي أفدتُّ منه فوائد جمَّة، في أعظم ما يحتاجُ فيه العبد أن يكون متوكلًا على الله، وهو (الرزق والأجل)!
لقد وافى الثعبانَ أجلُهُ في لحظةٍ ظفرَ فيها برزقٍ وافرٍ كان يظنُّ أنَّه سوف يستمتعُ به، وإذا به رزقُ غيره سيخرجُه الله له من جوفه، وهو لا يعلم.
وأما اليربوع فقد أُكِلَ مرَّتين، وكانت المرةُ الثانيةُ في اللحظة التي ظنَّ فيها أنه نجى بالفعل، ولم يشعر أن مستقرَّهُ سيكون في بطنٍ آخر بعد أن يُقطَّعَ إرَبا.
وأما أمرُ الطائر فهو الأعجبُ عندي، فقد أخرجَ اللهُ له رزقَهُ من حيثُ يبعدُ أن يكون، وسخَّر له المخلوقَ الأرقى في الأرض ليقومَ بتلك المهمة.
  يا الله.. ما أبلغَهُ من درس، لعلَّ صاحبه فارقَ الحياة على الأغلب.. لكنَّ صورته لم تفارق مخيلتي، وكلما ضاقت أبوابُ الرزق أتذكَّرُ ذلك الشيخَ وأقول:
الزَمها.. فهي موعظةُ مُعمَّر.  *
^
⭐القصة جميلة وفيها عبرة

معيار تقييم الناس

هناك فرقاً في تقويم الأشخاص بين معايير الدنيا ومعايير الآخرةِ!
فرقٌ قد يبلغُ حدَّ التناقض! فيكون الرجلُ بمعيارِ الدنيا عظيماً شريفاً ولكنه بمعيارِ الآخرةِ حقيرٌ ذليلٌ!
تأمَّل قوله تعالى : ((وَنَادَى أَصْحَابُ الاٌّ عْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَآ أَغْنَى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ * أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ)) [الأعراف]
تحدثنا هذه الآياتِ عن نفرٍ من ذوي الجاه في الدنيا، كانوا يحتقرون ضعفة المؤمنين، ويستصغرون شأنهم، إلى درجة أنهم أقسموا أن الله عزّ وجل لا ينالهم برحمة! فضلاً عن أن يدخلهم الجنة!
قال أبو حيان: "كان الرؤساء يستهينون بهم ويحقّرونهم لفقرهم وقلة حظوظهم في الدنيا وكانوا يقسمون بأنّ الله تعالى لا يدخلهم الجنة" [البحر المحيط]
إنهم حمقى.. يظنون أن موازين الدنيا تجري على الناس يوم القيامة! وأنَّ أحكامهم على الناس في الدنيا تنفُذُ في الآخرة!
فلما حقّ الحقُّ انقلبَ كل شيء! فقيل لعظماء الدنيا: ((ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون))، وقيل لضعفاء الدنيا: ((ادخلوا الجنة لاخوف عليكم ولا أنتم تحزنون)).
وهذا المعنى العظيم.. متكررٌ في كتاب الله في غير ما موضعٍ، ففي سورةِ المطففين أخبرنا الله كيف تنقلبُ الأحوال والموازين يوم القيامة:
((إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)).
وفي سورة البقرة أخبرنا جلّ جلاله أن السخريةَ تنقلبُ على أهلها، حين تنقلبُ الموازين: ((زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)).
ويصوِّرُ لنا القرآنُ في سورة (ص) دهشةَ الملأ من أهل الدنيا حين يبحثون عمَّنْ صنّفوهم  في خانة الأشرار فلا يجدونهم معهم في النار! لقد وصموهم في الدنيا بالشرّ، وأدرجوهم في قوائم الإرهاب، وعدُّوهم في المجرمين، وأصدروا بحقهم عشرات الأحكام القضائية التي تُدينهم بالإجرام، ومع ذلك وجدوا أنفسهم في النار دونهم! فتعجبوا، ((وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (62) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ))!! ويتركهم الله بلا جواب، لأنهم في حقيقة أنفسهم يعرفون الجواب، ويكتفي القرآن بهذا الوصفِ العجيب: ((إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ))!
ثمتَ إذنْ معاييرُ أخروية ربانيةٌ يُقيَّمُ بموجِبها الناسُ، هي مباينةٌ تمامَ المباينةِ لما يتعلقُ به أهل الدنيا من معايير.
ولننظر معاً إلى هذين الموقفين التربويينِ من النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
أحدُهما فرديٌّ، والآخرُ جماعيٌّ.
أما الفرديُّ فقد رواه لنا أبو ذرٍ رضي الله عنه وأرضاه، حين قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((انظُر أرفعَ رجلٍ في المسجدِ))، قالَ: فنظرتُ فإذا رجلٌ عليهِ حُلَّةٌ، فقلتُ: هذا. قالَ: فقالَ لي: ((انظر أوضعَ رجلٍ في المسجدِ))، قالَ: فنظرتُ، فإذا رجلٌ عليهِ أخلاقٌ، فقلتُ: هذا. فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ: ((لهذا عندَ اللَّهِ أخْيَرُ يومَ القيامةِ من ملءِ الأرضِ مِن هذا)). [مسند أحمد، صححه الوادعي]
وأما الموقفُ الجماعيُّ فقد قصّه علينا الصحابي الجليل سهلُ بن سعدٍ الساعديّ، فقال: مرَّ رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لأصحابِهِ: ((ما تقولون في هذا؟))، قالوا: حريٌّ إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يستمع. قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين، فقال: ((ما تقولون في هذا؟))، قالوا: حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفّع، وإن قال أن لا يستمع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هذا خير من ملء الأرض مثل هذا)). [البخاري]
إذن !
نحنُ أمام حقيقةٍ قرآنية نبويةٍ واضحةٍ ثابتة..
هي أنَّ للدنيا معاييرَها في تقويم الناس، وللآخرةِ معاييرَها.
وقد أخبر النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّ هذه المعايير الدنيوية الكاذبةَ تفعلُ فعلها في الناس، إلا من عصم الله، ((إنها ستأتي على الناس سنون خداعةٌ، يُصدّق فيها الكاذب، ويكذَّبُ فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائنُ، ويخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضةُ))، قيل: وما الرويبضة؟ قال: ((السفيه يتكلم في أمر العامة))!
صدقتَ يارسول الله!
وكم رأينا من هذا !!
ينطقُ العالمُ الربانيُّ الصادقُ بالحقِّ فيكذَّبُ، ويُوصم بالإرهاب، وتصدرُ بحقِّه الأحكامُ والمذكراتُ، وينفلتُ عليه سفهاء الإعلامِ تجريحاً وشتماً وسباً.
وينطقُ المصلحيُّ الكذّابُ الأشرُ بالباطلِ فيصدَّقُ، ويوصفُ بالوطنيةِ والإخلاصِ والتضحية، وتأتيه شهادات الشكر، وإشادات التقدير، ويكيلُ له (أراجوزاتُ) الإعلام المديح والثناء حتى يكادوا أن يجعلوه نبياً رسولاً، أو رباً معبودا!!
ويتحركُ الأمينُ يحدوه الحرصُ على دين اللهِ، والشفقةُ على عبادِهِ أن تغتالهم شبههة، أو تفتنهم شهوة، أو يستبدّ بهم ظالمٌ، فإذا به يُخَوَّنُ وتُسندُ إليه البوائق!
ثم يتجمَّلُ الخائنُ بألفاظٍ مغسولةٍ، ومعانٍ مستهلكةٍ مكرروةٍ، فيُؤتَمَنُ على مالٍ قد سرقه! وأعراضٍ قد انتهكها! وبلادٍ قد أفسدها! ويُقال له: على الرحب والسعة!
ورحم الله الشاعر الرقيق مصطفى حمام حيثُ قال وصدق:
أكثر الناسِ يحكمون على الناسِ... وهيهات أن يكونوا عدولا
فلكم لقبوا البخيل كريما... ولكم لقبوا الكريم بخيلا
ربَّ عذراء حرةٍ وصموها... وبغيٍّ قد صوروها بتولا
وقطيعِ اليدين ظلماً ولصّ... أشبع الناسُ كفه تقبيلا
ونشيدُ السلام يتلوه سفاحون سنّوا الخراب والتقتيلا
وحقوق الإنسان لوحةُ رسامٍ أجاد التزوير والتضليلا!!
وقد جعل الله عزّوجل لنا عواصمَ تقينا من القواصم، ووسائل تحول بيننا وبين أن تخدَعَنا هذه المعاييرُ الكاذبةُ فتقبّح عندنا الحسن، وتحسّن القبيح.
العاصمُ الأول: القصصُ القرآنيةُ
فالقرآن الكريم لم يكتفِ بتقريرِ الحقائق في هذه المسألة، بل ضربَ لنا أمثلةً، وقصَّ قصصاً، ليستقرّ في وجدانِ المؤمنِ أن العظيم حقاً هو من عظَّمَ شأن الله فعظَّمَ اللهُ شأنه. وأن الذليل حقاً هو من عدل عن أمرِ الله وشرعِهِ فأذله الله، حتى لو مرتْ مرحلةٌ من الزمنِ تشوشتْ فيها الصورةُ، وغطاها ضبابُ الكذبِ والزيفِ والنفاقِ.
تأملْ قصةَ موسى وفرعون!
في وقتٍ من الأوقاتِ صوَّرَ الدجاجلةُ موسى عليه السلام على أنّه مفسدٌ! ((وقال الملأ من قوم فرعون أتذرُ موسى وقومه ليفسدوا في الأرض))!! وساحرٌ ((أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك ياموسى))، ((إنْ هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من الأرضكم بسحرهما))!! ومسحورٌ أيضاً ((وإني لأظنك ياموسى سحورا))!! وطالبٌ للملكِ والحكم ((أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياءُ في الأرض))!! وصارفٌ للناسِ عن الصراطِ الأقوم ((ويذهبا بطريقتكم المثلى))!! وناكرٌ للجميل ((أولم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين))!! ومجنون ((إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون))!! وكذابٌ ((فقالوا ساحرٌ كذابٌ))
وفي مقابل هذا كان فرعونُ في أعينِ هؤلاءِ الملكَ الجليل ((أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون))!! بل الإله العظيم ((أنا ربكم الأعلى))!! بل الإله الوحيد ((ماعلمتُ لكم من إله غيري))!! صاحبُ العذابِ الأشدِّ والعقوبة الأبقى ((ولتعلمنّ أينا أشدّ عذاباً وأبقى)).
كانت هذه هي الصورةُ الرائجةُ المتداولة!
موسى عليه السلام –وحاشاه- هو الساحر المسحور الكاذبُ المفسدُ المضلُّ الخائنُ الناكرُ للجميل!
وفرعون – لعنه الله – هو الملك العظيم المهيبُ الحريصُ على مصلحةِ الناسِ المجتهدُ في دفعِ دعاةِ السوء والضلالِ عنهم!
لكن!
هل بقيتْ هذه الصورة المخادعةُ؟ هل استمرّ هذا الكذبُ؟
لقد قضى الله سبحانه على كل هذا التدجيل بخشبة!!
نعم.. خشبةٌ انقلبتْ حيةً يوم التحدي فأفاقَ من فيه خيرٌ، ثم ضربتِ الصخرَ من بعدُ ليبتلعَ البحرُ من أصرّ على كفرِهِ وعنادِهِ. والنتيجةُ ((ودمرنا ما كان يصنعُ فرعون وقومه وما كانوا يعرشون))!! ذلَّ من زعمه الملأ عزيزاً ، وفي المقابل عزَّ من زعمه الملأ ذليلاً: ((وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها)).
هذه القصةُ العظيمةُ واعظٌ مهم للمؤمنِ، تذكرُهُ بأنّ حقائقَ الأشياءِ لايمحوها الزيف، ولا يغيرها الكذبُ، ولا يبدّلها الإعلامُ، وإن ألقى ذلك كلُّهُ ظلالاً كثيفةً في وقتٍ من الأوقاتِ.. ولكنّ الوعد الأبدي قائمٌ: ((وقل جاء الحقُّ وزهقَ الباطلُ إن الباطلَ كان زهوقاً)).
وفي القرآن من أمثال قصة فرعون الكثير.. حكايات الأنبياء كلها.. قصة قارون.. قصة أصحاب الكهف.. حكاية الوليد بن المغيرة.. كل هذه شواهدُ تعصمُ الإنسانَ من الانسياقِ وراء الدجل الذي يريد أن ينزل الناس غير منازلها.
ذلك هو العاصمُ الأول: قصص القرآنِ.
أما العاصمُ الثاني: فهو الأمرُ التثبت.
((يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)).
((يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في الأرض فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لستَ مؤمناً))
((وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم))
وفي الحديث ((بئس مطية الرجل زعموا)).
هكذا يؤمرُ المؤمن بألا يصيخ سمعه إلى كل ناعقٍ، بل يتحقق ويتثبتُ، ويضع الأشياء في مواضعها، وعندها سيعرفُ لكلٍّ قدره، ويستقيم له معيارُ التقويم.
والعاصمُ الثالثُ: النصُّ الصريحُ على بعضِ معاييرِ التفضيل الربانية، والتأكيدُ على أنّ التعويل عليها.
فخبرتنا النصوصُ أن معيار التقويم الأول هو تقوى الله عزوجل:
-       ((إن أكرمكم عند الله أتقاكم))
-   ((إن الله لاينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم)). ((التقوى هاهنا)) وأشار إلى صدرِهِ صلى الله عليه وسلم.
وخبرتنا النصوص أن من معايير الرفعة الحقيقية الصلةُ بكتابِ الله :
-       ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)).
-   وكان نافعٌ عاملًا لِعُمَرَ على مكَّةَ، فقدم إلى عمر بالمدينة، فقال له عُمَرُ: مَنِ استخلَفْتَ على أهلِ الوادي يعني أهلَ مكَّةَ ؟ قال : ابنَ أَبْزَى قال: ومنِ ابنُ أَبْزَى؟ قال : رجُلٌ مِن الموالي قال عُمَرُ: استخلَفْتَ عليهم مَولًى؟! فقال له : إنَّه قارئٌ لكتابِ اللهِ فقال : أمَا إنَّ نبيَّكم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ اللهَ لَيرفَعُ بهذا القُرآنِ أقوامًا ويضَعُ به آخَرينَ)).
وخبرتنا النصوص أن من معايير الرفعة الحقيقية طلبُ العلم بإخلاصٍ والعملُ به:
-       ((يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات))
-       ((فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم))
وعلى ذلك قس.
إنّ هذا النمطَ من النصوص ليس مقصوده فقط أن يبيّن لك فضيلة هذه الأعمال، بل له معنى تربوي عميقٌ هو أن يعلمك كيف تقوّم النفس وفق معيار الآخرة لا معيارِ الدنيا، وبمقاييس رب العباد لا بمقاييس العبادِ.
إذنْ هذه العواصمُ الثلاثة: قصصُ القرآنِ، والأمر بالتثبتِ، والنصُّ على ما يرفعُ قدرَ الإنسان حقيقةً.. هذه العواصمُ الثلاثةُ ينبغي أن تكون أسلحتنا في هذا الواقع المرّ الذي تُخلطُ فيه الأوراقُ عمداً، لكي يخوَّنَ الأمينُ، ويؤتمنَ الخائنُ، ويصدّق الكاذبُ ويكذبَ الصادقُ كما أخبر نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم.
= الخطبة الثانية :
-       الحمدلة.
فقد قال أبو العلاءِ المعري لما رأى انقلاب الموازينِ في زمانِهِ:
إذا عير الطائيَّ بالبخل مادرٌ ...
(والطائيُّ إمام الكرماءِ، ومادرٌ رأس البخلاء)
وعيَّر قساً بالفهاهةِ باقلُ
(وقسٌّ سيدُ الفصحاءِ، وباقلُ آيةُ العيِّ والحصرِ)
إذا عيَّر الطائيَّ بالبخلِ مادرٌ ... وعيّر قساً بالفهاهةِ باقلُ
وقال السُّهى للشمس أنْتِ خَفِيّةٌ ... وقال الدّجى يا صُبْحُ لونُكَ حائل
وطاوَلَتِ الأرضُ السّماءَ سَفاهَةً ... وفاخَرَتِ الشُّهْبُ الحَصَى والجَنادل
فيا موْتُ زُرْ إنّ الحياةَ ذَميمَةٌ ... ويا نَفْسُ جِدّي إنّ دهرَكِ هازِل
هكذا تمنى الموت من شدى ما رأى!
ولكننا – وقد رأينا أشدّ مما رأى – لانتمنى ما تمنّى؛ لأنّنا روِّينا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قول نبينا صلى الله عليه وسلم : ((إنّ لله تسعةً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة)). وجاءَ في رواية الترمذي التي فيها سردُ الأسماء ذكرُ اسمي: (الخافضِ الرافع).
وهذان الاسمان العظيمانِ من أسماء الله الحسنى يعززانِ في نفسِ المؤمنِ اليقينَ برفعةِ شأنِ المتقين وإن أوذوا، وهوان شأنِ المستكبرين وإن طغوا.
فالذي يرفعُ ذكر من شاءَ ويُعليه ويجعلُ له شأناً حقيقياً هو الله، والذي يخفضُ من شاء ويهينُهُ ويذلُهُ هو الله ((يعزُّ من يشاء، ويذلُّ من يشاء)).
قال الإمام الخطابيّ رحمه الله: "فالخافض : هو الذي يخفض الجبارين ويذل الفراعنة المتكبرين , والرافع : هو الذي رفع أولياءه بالطاعة فيعلي مراتبهم وينصرهم على أعدائه ويجعل العاقبة لهم , لا يعلو إلا من رفعه الله, ولا يتضع إلا من وضعه وخفضه" [شأن الدعاء]
وقال السعديُّ: "الرافع لأقوام قائمين بالعلم والإيمان , الخافض لأعدائه".
والإيمان بحقيقة هذين الاسمين يخفف في نفس المؤمن من طغيانِ الواقعِ، الذي باتَ فيه الذنبُ رأساً، والرأسُ ذنباً !
والخلاصةُ أيها العبدُ المؤمن ...
لا يغرنَّك ما ترى من ارتفاع الناس وانخفاضهم في الدنيا ..
فإنَّ المعيارَ الحقيقيّ هو ماتراه يوم القيامة .. حين يُصارُ بذوي الرفعةِ الحقيقية إلى الجنة، ويؤخذُ المخفوضون حقاً إلى النار ..