أعط القوس باريها
يا باري القوس برياً ليس يحسنه
لا تظلم القوس أعط القوس باريها
فشعر الغزل لمن عانا الحب والهيام
وهو قيس بن الملوح بن مزاحم العامري.
من أهل نجد.
لم يكن مجنوناً وإنما لقب بذلك لهيامه في حب ليلى بنت سعد التي نشأ معها إلى أن كبرت وحجبها أبوها، فهام على وجهه ينشد الأشعار ويأنس بالوحوش، فيرى حيناً في الشام وحيناً في نجد وحيناً في الحجاز، إلى أن وجد ملقى بين أحجار وهو ميت فحمل إلى أهله.
ويصدق فيه قول أبي الشمقمق:
لا يعرف الشوق إلا من يكابده
ولا الصبابة إلا من يعانيها
لا يسهر الليل إلا من به ألم
لا تحرق النار إلا رجل واطيها
لا تسلكن طريقا لست تعرفها
بلا دليل فتغوى في نواحيها.
وهذه مختارات من شعره
ومن أبلغه في الوجد قوله:
هل الوجد إلا أن قلبي لو دنا
من الجمر، قيد الرمح لأحترق الجمر
وفي الحق أني مغرم بك هائم
وأنك لا خل هواك و لا خمر
فإن كنت مطبوباً فلا زلت هكذا
وإن كنت مسحوراً فلا برأ السحر
فبعد ووجد و اشتياق ورجفة
فلا أنت تدنيني، و لا أنا أقرب
كعصفورةٍ في كف طفلٍٍ يزمـها
تذوق حياض الموت، والطفل يلعب
ولا الطفل ذو عقلٍ يرق لما بها
ولا الطير ذو ريشٍ يطير فيذهب
فأصبحت من ليلى الغداة كقابضٍ
على الماء خانته فروج الأصابع
ما بال قلبك يا مجنون قد خلعا
في حب من لا ترى في نيله طمعا
وزادني كلفاً في الحب أن منعت
أحب شيئٍ إلى الإنسان ما منعا
بربك هل ضممت إليك ليلى
قبيل الصبح أو قبلت فاها
وهل رفت عليك قرون ليلى
رفيف الأقحوانة في نداها
فو الله ما في القرب لي منك راحة
و لا البعد يسليني ولا أنا صابر
أجارتنا إنا غريبان ها هنا
وكل غريبٍ للغريب نسيب
غريب يقاسي الذل في كل بلدةٍ
وليس له في العالمين حبيب
فلا تحسبي أن الغريب الذي نأى
ولكن من تنأين عنه غريب
أمر على الديار ديار ليلى
أقبل ذا الجدار وذا الجدارا
و ما حب الديار شغفن قلبي
ولكن حب من سكن الديارا
أتوب إليك يا رحمن مما
عملت ، فقد تظاهرت الذنوب
فأما من هوى ليلى وتركي
زيارتها، فإني لا أتوب
وكيف، وعندها قلبي رهين،
أتوب إليك منها أو أنيب
أراني إذا صليت يممت نحوها
بوجهي و إن كان المصلى ورائيا
و ما بي إشراك ولكن حبها
كعود الشجى أعيا الطبيب المداويا
قالت جننت على أيشٍ فقلت لها
الحب أعظم مما بالمجانين
الحب ليس يفيق الدهر صاحبه
و إنما يصرع المجنون في الحين
إذا ذكرت ليلى عقلت و راجعت
روائع عقلي من هوىً متشعب
يسمونني المجنون حين يرونني
نعم بي من ليلى الغداة جنون
و إني لمجنون بليلى موكل
ولست عزوفاً عن هواها ولا جلدا
إذا ذكرت ليلى بكيت صبابةً
لتذكارها حتى يبل البكا الخدا
وجاؤوا إليه بالتعاويذ والرقى
وصبوا عليه الماء من ألم النكس
وقالوا : به من أعين الجن نظرة
ولو عقلوا، قالوا : به نظرة الإنس
أقول لمفتٍ ذات يومٍ لقيته
بمكة والأنضاء ملقىً رحالها
بربك أخبرني ألم تأثم التي
أضر بجسمي من زمانٍ خيالها
فقال بلى والله سوف يمسها
عذاب، وبلوى في الحياة تنالها
فقلت ولم أملك سوابق عبرةٍ
سريع إلى جيب القميص انهمالها
عفا الله عنها ذنبها وأقالها
و إن كان في الدنيا قليلاً نوالها
وكنت وعدتني يا قلب أني
إذا ما تبت عن ليلى تتوب
و ها أنا تائب عن حب ليلى
فما لك كلما ذكرت تذوب
لئن كان يا ليلى اشتياقي إليكم
ضلالاً ، وفي برئي لأهلك حوب
فما تبت من ذنبٍ إذا تبت منكم
و ما الناس إلا مخطئ ومصيب
فلا النفس يسليها البعاد فتنثني
ولا هي عما لا تنال تطيب
و لو أنني إذ حان وقت حمامها
أحكم في عمري لقاسمتها عمري
فحل بنا الفقدان في ساعةٍ معاً
فمت ولا تـدري و ماتت ولا أدري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق