وردني طلب استيضاح لسؤال وجه للشيخ ابن عثيمين:
●هل الجماعة الثانية لها أجر سبع وعشرين درجة؟!.
فقال :"لا ؛لكن الجماعة أفضل من الواحد...".
◆فكان الجواب:
نعم هذا رأي العلامة ابن عثيمين وتبعه جمع من العلماء المعاصرين .
ومما قالوه:"إن الجماعة الأولى هي التي يحصل بها سبع وعشرين درجة، أما الجماعة الثانية فلا يحصل لها نفس الدرجة....وإلا لكان كل الناس يذهبون إلى المسجد متى شاءوا ، ويصلون جماعة ويقولون:أخذنا أجر سبع وعشرين درجة..".
●وتعليلهم هذا له جانب من الاعتبار، فالمطلوب المسارعة للصلاة والمبادرة لصلاة الجماعة الأولى خلف الإمام الراتب.
فهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم كما وصفت حاله أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - حينما سئلت عن حال النبي في بيته، فقالت: (إنه يكون في خدمة أهله، فإذا سمع "حيّ على الصلاة حي على الفلاح" فكأنه لا يعرفنا ولا نعرفه). متفق عليه.
فكان يلبي نداء ربه حين يسمع النداء ،صلوات الله وسلامه عليه.
وفي رواية: (فإذا حضرت الصلاة لم يشتغل بغيرها)،
ولا بارك الله في عملٍ يُشغل عن الصلاة.
◇وقد تصدق بعض الأنصار بحديقته لما شغلته عن الصلاة. ◇وكان بعضهم يعمل حداداً فإذا رفع الفأس وسمع الأذان رمى بها خلف ظهره.
◇وكل ذلك لأنهم أدركوا مكانة الصلاة وفهموا معنى النداءِ، وصدق عليهم قول الله: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}،
◆وهذا هو واقع الصحابة والتابعين وسلف الأمة الصالحين رضوان الله عليهم أجمعين في المبادرة لصلاة الجماعة.
◆فقد كان ديدن السلف - رحمهم الله - الحرص على إدراك تكبيرة الإحرام وعلى الحضور المبكر إلى الصلاة.
★ روي عن سعيد بن المسيب رحمه أنه قال لابنته قبل وفاته وهي تبكي عنده: "يا بنيّه، لا تبكي عليّ؛ فوالله ما فاتتني تكبيرة الإحرام أربعين عاما".
☆فكيف الحال بمن تفوته تكبيرة الإحرام في اليوم الواحد مرات؟! .
◆وقد كان يعزي بعضهم بعضًا إذا فاتتهم تكبيرة الإحرام.
★روِيَ عن حاتم الأصمّ - رحمه الله - أنه فاتته تكبيرة الإحرام يومًا، فجاءه بعض أصحابه يعزّونه على ذلك، فلما رآهم بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: "فاتتني تكبيرة الإحرام، فعزّاني بعض أهل المدينة، ولو مات لي ولد لعزّاني أهل المدينة كلّهم، ولمَوت أبنائي جميعًا أحبّ إلي من أن تفوتني تكبيرة الإحرام".
★وقد روي عن محمد بن واسع - رحمه الله - أنه قال: "من رأيتَه يتساهل في تكبيرة الإحرام فاغسِل يديك منه".
☆هذا الشأن في شدة حرصهم على إدراك تكبيرة الإحرام، وما ذلك إلاّ لعلمهم بالأجر الذي قد أعدّه الله لمن أدرك هذه التكبيرة.
فكيف بصلاة الجماعة الأولى؟!.
●إلا أن الراجح الصحيح أن المفاضلة المذكورة في الحديث ببضعٍ وعشرين درجة، إنما هي في فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ، وليست في فضل الجماعة الأولى على ما بعدها من الجماعات كما يوجهه بعضهم، وإن كانت الجماعة الأولى بلا شك أولى أن يُحرص عليها لما لها من مزيد الفضل والمزايا بإدراك الفضائل والأجور ومنها: المبادرة للجماعة، والمسارعة للطاعة ،وصلاة النوافل قبلها، وكثرة المصلين كما قال صلى الله عليه وسلم:(صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى).
●وقد ثبت عن أنس -رضي الله عنه- أنه جاء ذات يوم والناس قد صلوا،فجمع أصحابه فصلى بهم جماعة.
●فصلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة؛بنص الحديث الصحيح:(صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة).ولفظ مسلم:(صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة).وفي لفظ له:(صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته وحده سبعاً وعشرين).(الجماعة تفضل صلاة الفذِّ بخمس وعشرين درجة). (تفضل صلاة في الجميع على صلاة الرجل وحده خمساً وعشرين درجة) وفي لفظ:(بخمس وعشرين جزءًا). والجزء والدرجة بمعنى واحد.
○قال الإمام النووي - رحمه الله-:"والجمع بينها من ثلاثة أوجه:
•أحدها:أنه لا منافاة بينها فذكر القليل لا ينفي الكثير،ومفهوم العدد باطل عند الأصوليين.
•والثاني: أن يكون أخبر أولاً بالقليل،ثم أعلمه الله تعالى بزيادة الفضل فأخبر بها.
•والثالث: أنه يختلف باختلاف أحوال المصلين والصلاة: فيكون لبعضهم خمس وعشرون، ولبعضهم سبع وعشرون، بحسب كمال الصلاة، ومحافظته على هيئتها،وخشوعها، وكثرة جماعتها، وفضلهم وشرف البقعة، ونحو ذلك فهذه هي الأجوبة المعتمدة".
●ومن قال: إن فضل الجماعة يختص بالجماعة الأولى فهو تحكم من غير دليل فعليه الدليل المخصص للأحاديث المطلقة بفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة.
ومجرد الرأي ليس بحجة.
●ففضل الله وثوابه لايقاس بالعقول، وأجره ونواله لايحد بالأذهان.
●ومن فضل الله أن من وصل المسجدم متأخرا لعذر، وقد فاتته صلاة الجماعة وهو من الملازمين لها والمحافظين عليها،يكتب له أجر الجماعة وفضلها ولو صلى وحده لحسن نيته ولعذره؛ لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(من توضأ فأحسن الوضوء، ثم راح فوجد الناس قد صلوا، أعطاه الله مثل أجر من صلاها وحضرها، لا ينقص ذلك من أجرهم شيئاً).
◆فالحمد الله على ثوابه الجزيل،وأجره العظيم، وشرعه الحكيم. ورسوله الأمين.
كتبه:د.سالم بن علي بن ارحمه.
السلام عليكم الرجاء تصحيح التكرار لكلمتي "يَخَافُونَ يَوْمًا" في الاية اعلاه وجزاكم الله تعالى خير
ردحذف